إجراء الانتخابات النيابية الإيرانية وسط ضغوط غير مسبوقة والمتشدّدون يتّجهون إلى الاستئثار بالسلططة

الإعلام التابع للدولة ناشطٌ إلى أقصى الحدود قُبيل انطلاق الانتخابات النيابية في إيران في 21 فبراير. فبهدف حث الإيرانيين على التوجه إلى مراكز الاقتراع يوم الجمعة, تجري القناة التلفزيونية التابعة للدولة (شبكة 1) عدا عكسيا ليوم الانتخابات وتعرض صورا لانتخابات سابقة ولمقترعين متحمسين وتدعو الممثلين والمخرجين الإيرانيين إلى التعبير عبر الشاشة عن نيتهم ​​التصويت. وتتداخل بين هذه المشاهد باستمرار موسيقى تثير حسّ الوطنية والقومية في نفوس الإيرانيين. ويتمّ عرض شعار أساسي هو « انتخابات قوية ، إيران قوية ».

بيد أنّ الإعلام الحكومي فقد جاذبيّته منذ زمن ، ويعود السبب في ذلكإ والتجأ الكثيرون في إيران إلى المحطات التلفزيونية الفارسية التي تبث من الغرب ومواقع الويب البديلة ووسائل التواصل الاجتماعي حيث يتم تبادل المعلومات والمواقف السياسية بسهولة, والكثير منها ينتقد النظام.

وبالطبع ، ليس من المفاجئ أن يردّد الإعلام التابع للدولة كلام المرشد الأعلى للثورة ، السلطة العليا في الدولة. فهو يعيّن مباشرة رئيسَ الجهاز الإعلامي التابع للدولة. ويفضي ذلك إلى إطلاق رسائل بسيطة مفادها أن المشاركة في هذه الانتخابات هي في مصاف « الواجب الوطني », وهي غاية في الضرورة في زمن ينخرط أعداء إيران في مؤامرات غير مسبوقة ضدها. ويضيفون أنّ التصويت وسيلة أساسية للتعبير عن حقّ المواطن الأساسي بالمساهمة في رسم مسار أمّته ، ويُعزى ذلككي

لكن في الواقع, تأتي الحملة المستمرة لحث الناس على التصويت, وهي أشرس من الانتخابات السابقة, في فترة يتوقع فيها على نطاق واسع بأن إقبال الناخبين سيكون أقل من العادة.

استبعاد المرشّحين يقلّل الخيارات بشكلٍ زائف

في هذا السياق, قال المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي في خطاب ألقاه في 18 فبراير إن « هيبة النظام الإسلامي ستعتمد على الانتخابات المقبلة ». وأضاف بلهجة تنمّ عن أهمّية في الكلام: «إن قمنا بواجبنا كما يلزم ، ستفتح الانتخابات المجال أمام التغيير». وأضاف باختصار أنّ الانتخابات المقبلة هي بمثابة «اختبار سماوي».

ولم يخف ميوله السياسية: ينبغي على الشعب أن يقترع لصالح المرشحين الملتزمين بالثورة الإسلامية, لا لأولئك الذين أصبحوا في الماضي خاضعين لأمريكا كما قال محذرا, في إشارة على الأرجح إلى عدد من النواب في خلال عهد إدارة خاتمي الإصلاحية الذين انضموا إلى الحراك الأخضر الذي برز في العام 2009 والذين يعتبرهم خامنئي ومجموعته خونة.

في الواقع ، وبشكل يزيد عن السابق ، استبعد مجلس صيانة الدستور ، وهو هيئة محافظة جداً مسؤولة عن التدقيق في المرشات فقد أقصى قرابة نصف مقدّمي طلبات للترشّح البالغ عددهم 15 ألف شخص ، بمن فيهم أكثرية كبيرة من النوّاب الحالييايا وفي انتقاد لعمليات الإقصاء هذه ، قال الرئيس روحاني ، وهو وسطي التوجّه يحظى بدعم معسكر الإصلاحيين ، بوذميرات التور

ويتمحور الخيار المتاح حتّى الآن للإيرانيين في الانتخابات النيابية والرئاسية بين شرّ أدنى (مَن يعرفون بالمتت (مَن) و ”الخيار” مُتاح بشكل أساسي لامتصاص الضغط الشعبي. فالبرلمان ورئاسة الدولة هما المؤسستان شبه الجمهوريتين الوحيدتان في الجمهورية الإسلامية ضمن تركيبة معقدة من الهيئات الخاضعة بالإجمال وبإحكام لقبضة المحافظين جدا الذين يقف في مركز سلطتهم مرشد الثورة. ويعكس غض النظر عن هذا الخيار القديم بين شرين أدنى وأعلى عجرفة المتشددين على ضوء ضعف أخصامهم المحليين المعتدلين, فضلا عن جهدهم الفاضح للاستئثار بالسلطة, وهو أمر يأملون بتحقيقه في الانتخابات الرئاسية في السنة القادمة (عندما ينتهي العهد الثاني والأخير لروحاني).

أهمّية البرلمان أو بالأحرى عدم أهمّيته

على الرغم من أنّ البرلمان هو الأدنى قوّة مقارنة بالمؤسّسات الأخرى ، هو يضمّ وجهات نظر متنوّعة أكثر ونقاشات مثييالاا مثلاً ، في البرلمان برزت الانتقادات الشديدة للقمع القاتل غير المعهود الذي اعتمدته القوى الأمنية ضدّ ثورة عمّت البلام الملف فقد قارن النوّاب من مدينة معشور الجنوبية الغربية ، التي شهدت العنف الأشدّ ضدّ المحتجّين ، الجمهوريةَ الإسلامية بشانها وفي خطاب ناري ، وصفت نائبة إصلاحية من طهران ، التي كانت المدن التابعة لها مراكز أساسية في الاحتجاج ، الجمهار بمعنى آخر ، مع استبعاد المرشّحين ، بيّن المتشدّدون أنّهم مستعدّون لإسكات المساحة الأخيرة المتبقّية الباقية اللياتاتاسات تفاستات سلاس

بيد أنّه على غرار الرئاسة ، يبقى البرلمان ضعيفاً للغاية ، مع سلطة سياسية واقتصادية مترّكزة في المؤسّسات الدياسيس عام وفي خضم هذا الخلل الكبير في السلطة, تتطلب التحضيرات للانتخابات النيابية هذا الشهر (والانتخابات الرئاسية في السنة القادمة) في الكثير من الحالات كما لا بأس به من الأعمال, لكنه يكاد لا يؤدي إلى تغييرات. وفي الآونة الأخيرة ، تمّ تقويض دور البرلمان أكثر فأكثر. ومن الأمثلة اللافتة على ذلك القرارُ الذي أصدره المجلس الاقتصادي الأعلى بزيادة أسعار الوقود ثلاثة أضعاف ، مطلقاًشر وقد تمّ تهميش البرلمان حيث برز تشكيك حيال هذه الزيادة في الأسعار. يجدر الذكر أنّ هذا المجلس تمّ تأسيسه حديثاً ولا أساس له في الدستور وهو مؤلّف من رؤساء أقسام الحكمم الثلاثة.

ضغوط داخلية وخارجية

وليست الفكرة التي عبر عنها خامنئي في الخطاب ومفادها أن الانتخابات تأتي في وقت حرج للغاية ببعيدة عن الواقع, لا بل تجرى هذه الانتخابات في فترة تبرز فيها ضغوط داخلية وخارجية غير مسبوقة على الجمهورية الإسلامية تراكمت على مدى السنتين الماضيتين. ولم يغب هذا الأمر عن بال مَن هم في هيكلية السلطة في إيران ولا عن بال شعبٍ ناقم بالإجمال.

وقد جرى حدثان في الأشهر الماضية قوّضا شرعية النظام وثقة الناس به.

أولا, تأتي الانتخابات النيابية هذا الأسبوع بعد ثلاثة أشهر فقط من احتجاجات نوفمبر الشديدة الأهمية, فهي التظاهرات المناهضة للنظام الأوسع انتشارا في تاريخ الجمهورية الإسلامية وقد أدت إلى مقتل قرابة 1500 متظاهر (على الرغم من أن السلطات الإيرانية رفضت عن الإفصاح عن أرقام). وقد هزّت التظاهرات أركان المجتمع والاقتصاد والساحة السياسية الإيرانية. وبعد أشهر, يبقى الغموض حول عدد المتظاهرين المقتولين سؤالا في عقول الإيرانيين: فمنذ بعضة أيام فقط, طرح سؤال على روحاني في مؤتمر صحافي, وادعى أن مسؤولية الإفصاح عن الأرقام تقع على عاتق هيئة حكومية أخرى, وأضاف, من دون دليل, أن عدد القتلى أدنى بكثير من الأرقام التي تتداولها بعض وسائل الإعلام.

ثانيا, تأتي الانتخابات بعد شهر ونصف على اعتراف حرس الثورة الإيراني, بشكل متأخر, بأنه أسقط عن طريق الخطأ طائرة مدنية, مما أدى إلى مصرع كل المسافرين على متنها وعددهم 176 شخصا معظمهم إيرانيون. وقد قوّضت هذه الغلطة المؤسفة جهود النظام لاستغلال جنازة القائد قاسم سليماني من أجل خلْق زخم قومي لجعس النقام. عوضاً عن ذلك ، أطلق حادث الطائرة تظاهرات مناهضة للنظام ضمّت الآلاف. وقد أجّجها الانطباع بأنّ الحكّام لا يهتموّن لحياة مواطنيهم ،، بالتالي ، يمكن وصف المزاج الاجتماعي الراهن في إيران كمزيج من الغضب المتواصل من النظام ومن العجز وانعدام الأمل.

وقد عزّز هذان الحدثان أيضاً من جاذبية الحملات الداعية إلى مقاطعة الانتخابات. فتحْت هاشتاغ “لن أصوّت” و ”أصبع التصويت ملطّخة بالدم” ، تبيّن الرسومات في الشوارع مثلاً أوراق التصويت في تي وتذكّر هذه الصور بـ ”فورة القتل” الدموية ، حسب تعابير منظّمة العفو الدولية ، التي كانت العنوان العريض لردّ الدولنجامار

في غضون ذلك, الوضع الاقتصادي في أسوأ حالاته, وأدت العقوبات الأمريكية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة 9 في المئة تقريبا, مما فاقم الوضع الاجتماعي الاقتصادي المتردي أصلا. أما على الصعيد السياسي, يشعر المتشددون بالشجاعة بسبب ضعف معسكر المعتدلين, وذلك بسبب العيوب التي يعانيها بالإضافة إلى العائدات الاقتصادية الفاشلة من اتفاق نووي إيراني متعثر يلقى اللوم به بالإجمال على انسحاب الولايات المتحدة. وما زال جناحا النخبة كلاهما ، أي الإصلاحيون والمحافظون ، محلّ تنازع شديد لدى أقسام كبيرة من السكان.

وبين الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية, ما زال من غير المعروف إذا كان في وسع الإصلاحيين تحويل الاستبعاد الذي طال مرشحيهم إلى فرصة لتصليح صورتهم الشعبية الملطخة جدا. . فقال خامنئي في خطابه الأخير إنه ينبغي أن يكون في البرلمان الجديد توازنٌ بين الجيل القديم والجيل الشاب ، علك من

Vous pourriez également aimer...